تُعتبر الخصوصيّة على الإنترنت من القضايا الشائكة في أيامنا هذه فهناك الكثير من خدمات الإنترنت المختلفة نشترك بها أو نستعملها بشكل يومي والتي تنتهك خصوصياتنا بسهولة تامة. من خلال هذه التدوينة حاولت استعراضَ مجموعة من الخدمات والمواقف التي تجد فيها أنّ الخصوصية غير موجودة أصلاً. سوف تجد أنّ الماسنجر ينتهك مثلاً 2% من الخصوصية, السكايبي 2% أيضاً, اليوتيوب 3%, تويتر 5%, جوجل 20% … حتى تجد نفسك بالنهاية مثل الدجاجة لكن بدون ريش. هذه هي الضريبة التي تدفعها جراء استخدامك للإنترنت والبعض ينظر إلى هذا الأمر ببالغ الخطورة وفي المقابل هناك فئة مستخدمين لا ترى أي داعٍ للقلق معتبرةً الإنترنت ساحة تجمّع حالها كحال تجمّع الناس في الحياة اليومية المحسوسة. هل أفضل طريقة للحفاظ على الخصوصيّة في هذا العصر هي السكن في مغارة نائية في جبال أفغانستان ؟
حتى لو وضعت الحالة على “مشغول” سيكلّمك الطرف الآخر [أدري إنك مشغول وما راح أطوّل عليك] وإذا لم تجبه فهناك زر تنبيه (زر إزعاج) في الماسنجر يضغط عليه فتبدأ نافذة المحادثة بالاهتزاز السريع مثل الذبابة المرشوشة بمبيد حشري وإذا ارتفع عندك ضغط الدّم وقمت بحظره فأوّل شخص ستقبل إضافته للماسنجر سيسألك [أخوي ليه عامل لي بلوك؟] فسرعان ما تفهم أنّه نفس الشخص, أنشأ حساباً جديداً في الماسنجر!
تأتيك اتصالات ليست على البال ولا على الخاطر [أخوي ممكن نتعرّف؟] وإذا حولّت المكالمات من السكايبي إلى جوالك [Call Forwarding] وكنت في زيارة للأهل أو الأقارب كيف ستشرح لهم أنّ هذه المكالمة وصلت من المغرب مثلاً ؟ وكيف ستشرح لهم ما هو السكايبي ؟ وما هو الـ Call Forwarding ؟ وكيف حصل (أو حصلت) على رقم جوالك ؟ ولماذا يريد أن يتعرّف عليك وأنت متزوّج أصلاً ؟
تويتر سيعرفون متى تنام ومتى تستيقظ وسيعرفون رائحة الهواء الذي تتنفّسه.
FaceBook كم انتظرت تلك اللحظة التي تتخرّج بها من المدرسة حتى [تهرب] من بعض الأشخاص المزعجين الذين كنت تراهم يومياً على مقاعد الدراسة وبعد أن تحقّق حلمك ومرّت 4 سنوات تجّدهم في نهاية المطاف أمامك على ال FaceBook يشاهدون صورك ويطرحون عليك أسئلة متنوّعة [تغيّر شكلك, ليه كذا؟] [ماذا تفعل في حياتك اليوم؟] [معقولة تزوّجت؟ لماذا لم تعزمني؟] [تذكر أيام المدرسة عندما ضربك الأستاذ؟] … يا أخي أنا هارب منك من سنوات أرجوك أخرج من حياتي!
يوتيوب لا تدري من قام بتصوريك خفيّةً وأنت في موقف محرج مستعملاً جواله ورفع المقطع على اليوتيوب وعندما وصلك الخبر بأنّك أصبحت حديث الساعة على الشبكة, دخلت إلى اليوتيوب لتجد أنّ المقطع حصل حتى الآن على بضع مشاهدات – تقريباً 500 ألف مشاهدة ولإزالة المقطع عليك أن تتوجّه للسفارة حتى تتوسطها لك مع اليوتيوب.
ولو قرّرت أن تهرب إلى جزيرة نائية فإنّ [Google Earth] لك بالمرصاد – حتى [البقر] في أفريقيا لم يعد يسلم منه!
جوجل – أبو المصائب في هذا السياق – الذي يخزّن عنك معلومات حتى إشعار آخر فمثلاً تصلك رسالة رقيقة مكتوبة بلون رمادي (تاهوما 11) من واحدة تسمي نفسها [بنت أبوها] تطلب منك مساعدة عاجلة وترجو منك أن لا تردها خائبة فتبحث عن بريدها في جوجل فتجد أنّ صاحب هذا البريد اسمه الحقيقي [حابس بن كاشخ] ولقبه [صرخات الرحيل] وعنده حمار من أصل ماليزي اسمه [العنيد] كان معروضاً للبيع قبل سنتين في إحدى المنتديات ورقم جواله 050695 .. حتى آخر رقم – كل هذه المعلومات بفضل جوجل.
هاكر ولم ننسى الهاكر الذي اخترق جهازك وقام بعمل winzip على مجلد My Documents ثم قام بسحبه إليه ولو تمكّنت من معرفة هويّة المخترق وتوجهت للشرطة لتقديم شكوى سيقول لك الضابط [ما عندك سالفة غير النت؟ شف لك شيء ثاني مفيد تعمله في حياتك] فما أن تستفيق من هذه المصيبة حتى تجد أنّه تم ّ اختراق حسابك في الـ PayPal وقام الأخ Oleg من أوكرانيا بشراء طعام لقطته الأليفة لوسي وملابس نوم ب 415 دولار (لا يشمل العمولة) – طبعاً كله على حسابك.
فأين المفر
حتى حرب عالمية ذريّة لن تنقذ الموقف فيقال أن جوجل تملك Backup على سيرفرات موجودة في خنادق لا يصلها أحد غير المياه الباطنية ولو حاولت أن تغيّر هويتك وأن تنتحل شخصية جديدة ستجد نفسك في السجن تفطر خبزاً وتتعشى خبزاً. ربما الموت ينقذك ؟ لا تستغرب لو تمّ إنشاء موقع جديد اسمه [ويكيميتيا] يتناول سيرة حياة كل شخص يموت وأما مِن زوجتك فلن تسلم لأنّ الله عزّ وجّل رزقك بزوجة [صاحية] قامت بتنصيب برنامج على جهازك يعمل في الخلفية لا تراه ولا تشعر به, يقوم بالتقاط صورة للشاشة كل 3 دقائق ويخزّنها في مجلّد مخفي مشفّر بكلمة مرور مكوّنة من 15 حرف.
هذا هو حال الخصوصيّة, مثل بالون الهواء الموجود في مهب الريح تأخذه إلى حقل لا ينبّت به إلا الشوك فلا خيار أمامك إلا [التطنيش] وكما يقولون [الذي يقع من السماء تتلقاه الأرض].
فوداعاً للخصوصيّة.
المصدر: رشيد
الراشدىمنذ 16 سنة
شكرا على المقال الرائع وياريت ماتخوفونا
عالعموووووم ممتاز
mandow adamمنذ 16 سنة
ظريفة مقاللتك والله يا أستاذ / رشيد
ولكن فعلاً لما أخاف من أن يدخل أحدهم إلي معلوماتي علي الإنترنت
هذه مجرد معلومات ربما يعرفها عني كثيرون مثل أصدقاء الدراسة بحكم وجودنا مع بعض منذ الصغر والعشرة … إلخ
والجيران بحكم فواتير الكهرباء والمياة وساعي البريد
وأصدقاء وأعداء العمل بحكم أننا يجمعنا مكان واحد وشئون عاملين واحدة
وربما أناس لا أعرفهم ولم أسمع عنهم ينظرون إلي شفقة أو طمعاً
نحن في مصر الآن وصل حال الناس في معاملتهم مع بعضهم البعض الآن إلي أفضل – أسوأ – سلوك
فنحن حقاً نتعامل وفق مقولة – أن الدين المعاملة – وقانا الله وإياكم شر الحسد والحاسدين والطمع والطامعين والإشفاق والمشفقين
والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته
samurمنذ 16 سنة
واين الخصوصيه فى حياتنا التى نعيشها لم تعد الخصوصيه موجوده فى اى مكان وزمان تجد من يتدخل فى شئونك ليس فى عالم الانترنت فقط ولكن كلا منا يبحث عن متنفث للحياه فلم يجد امامه سوا الانترنت قد اصبح الانترنت صديق مقرب لكثر من الناس ولكن كنا نرجو منه الاكثر من الخصوصيه وكنا نريد ان بجد انفسنا مثل الدجاجه بريشها
نادينمنذ 16 سنة
شكرا الي الاخ رشيد ع النصاح
al7aderمنذ 16 سنة
المهم اليوم هو التطور والخصوصية اصلا انتهت الا في غرفة النوم لمن رحم ربي والله المعين