ربما أغلب الناس من الذين يندرجون تحت الفئة العامة لا يفكرون كثيراً بمسألة انتحال الشخصية، بقدر ما يخيف الفئة المشهورة من الناس أمثال السياسيين الكبار والفنانين والرياضيين وما إلى هنالك من هذه الفئة، إلا أن هذا لا يعني أن العامة من الناس لا يطالهم شبح “انتحال الشخصية”.
إن انتحال الشخصية أو تقمص الشخصية إنما هو شيطان عدم الثقة بالنفس، يتبعه من لا يثق بنفسه أمام الآخرين أو لديه أفكار سلبيه تجاه أشخاص أو لأغراض أخرى، فمثلاً يعمل على انتحال شخصية إنسان ناجح حتى يلبي متطلبات نفسه بأنه إنسان هام.
في الحقيقة إن انتحال الشخصيات لهو أمر سيئ جداً قد يودي بالمنتحل إلى عقوبات ليست على البال أو الخاطر، ويكمن الهدف من انتحال الشخصيات المشهور إلى إشباع النقص الذي يخلفه عدم الثقة بالنفس كما أسلفنا، أو لتشويه سمعة تلك الشخصيات الحقيقية، والتي ليست من الضرورة أن تكون شخصيات مشهورة بل ربما تكون تكون شخصيات من عامة الناس، إلا أن ذلك ليس بالمقدار الكبير مقارنة مع الأولى.
ولعل من أخطر نتائج انتحال الشخصيات تلك التي تودي بحياة أبرياء أو انتهاك حقوق الآخرين على شكل كبير، مثل تشويه السمعة أو قول ما لا يقوله الضحية، فنسمع مثلاً عن جرائم وقعت بصفة انتحال الشخصية خاصة من اشخاص ينسبون انفسهم للقوات النظامية واحياناً حتى بصفة طبيب أو صحفي وغيرها من المهن، فهو سلوك اجرامي على أعلى المستويات.
وبما أنني أكتب في مجال التقنية فلا بد أن أعود بفكرة هذا الموضوع إلى المسار التقني، ولنتكلم عن انتحال الشخصيات على الإنترنت.
أعزائي قراء مجمع الأخبار التقتية الكرام، لقد ظهرت فكرة انتحال الشخصيات على الإنترنت منذ زمن ليس بقصير، فتقريباً منذ بداية ظهور المنتديات في منتصف التسعينيات، إلا أن وتيرتها ازدادت بشكل كبير مع بداية انطلاق الشبكات الاجتماعية الكبرى مثل شبكتي فيس بوك و تويتر، حيث بدأ ضعاف النفوس ولأسباب عديدة لعل من أبرزها ما سردناه بداية المقال بالإضافة إلى أسباب إعلانية!! .. نعم إعلانية وسنخبركم كيف.
فمثلاً يقوم منتحلي الشخصيات بحجز أسماء على الشبكات الاجتماعية تعود إلى شخصيات شهيرة على مستوى العالم، وبالتالي يظن رواد تلك المواقع أنها حسابات حقيقة ويقومون بتتبعها، مما يعود بالفائدة على منتحل الشخصية والذي يقوم بترويج أفكار لا يتبناها صاحب الاسم الحقيقي أو ربما يعارضها، وذلك مقابل مادي من خلال نشر روابط لمواقع أو شركات غير شريفة يدفعون لمنتحل الشخصية مقابلها.
ولعل من أبرز الشخصيات العالمية التي تم انتحال شخيصتها هو الرئيس الأميركي “باراك أوباما”، حيث أستغل ضعاف النفوس أسمه وخاصة بعد نجاحه في الفترة الرئاسية الأولى وقاموا بتسجيل حسابات توحي أن أوباما هو صاحب تلك الحسابات، وقد تنوعت الحسابات بحسب اللغات، حيث مثلاً نرى حسابات بأسم باراك أوباما موجه للعالم العربي إلا أن أوباما بريء منه .
الشبكات الاجتماعية الكبرى أمثل فيس بوك و تويتر تبنت طريقة جيدة للحد من هذه الظاهرة والتي تسببت في إحراج المسؤولين عنها أمام شخصيات اعتبارية لا يمكن الدخول معها في مثل هذه المواقف، حيث قامت بابتكار نظام الحسابات الموثوقة، حيث تتصل بأصحاب الحسابات الاعتبارية وتتأكد منهم أن الحساب هذا يعود لهم شخصياً أم لا، ثم وبناء على هذا الاتصال تتصرف بإغلاق الحساب أو إبقاءه، إلا أننا ما زلنا نشاهد حرباً شعواء بين مسؤولي تلك الشبكات الاجتماعية وبين ضعاف النفوس الذين لا يكلّون ولا يملّون من إنشاء حساب بعد حساب.
في الحقيقة ليس أمام ضحايا منتحلي الشخصيات الكثير من الخيارات للتصرف إلا العودة إلى إدارة المواقع والشبكات المقصودة لتقديم شكاوى، مع تقديم إثباتات على أن الحساب ينتحل شخصيتي حتى ترى نتيجة.
هل منتحل الشخصيات هو مريض نفسي
يتبادر إلى الذهن للوهلة الأولى من يقف وراء الحسابات المزيفة ومنتحلي الشخصيات فيما لو كانوا مرضى نفسيين فيقول خبراء في هذا المجال وبالمجمل إن (إنتحال الشخصية سلوك إجرامي يحاول من خلاله المجرم الوصول إلى منافع خاصة.. وهو ما ينفي أية علاقة له بالامراض النفسية أو العقلية، بل كمبدأ قانوني لا يجوز لأي شخص منهم ان يدفع امام المحكمة بالجنون أو بمرض نفسي في جريمة تقوم على اساس الاحتيال) .
بقلم علاء عثمان … مدير موقع مجمع الأخبار التقنية