ما لي أرى أغلب الناس يتحدثون عنه ويغطي أخبار الموقع الذي بالأساس يسوق لنفسه على أنه موقع إخباري من الطراز الرفيع ومتواجد دائماً في صلب الأحداث!!.
فأنا أعجب صراحة من التغطية الإعلامية الهائلة لواحد من أبسط تطبيقات الشبكات الاجتماعية على الشبكة العنكبوتية. نعم، إنه برأيي من أبسط التطبيقات وأقلها منافسة ولا يقدم شيئاً يذكر لمستخدميه عدا تحضيره لهم لباقة من الأخبار “القديمة”، (طبعاً في وقتنا الحاضر، ومع سهولة مشاركة المعلومات وانتشار الإنترنت بسرعات فائقة، أصبحت الأخبار التي حدثت فعلياً قبل أكثر من 4 ساعات “قديمة”)، إلا أنه يسوق نفسه في المواقع والمواد الإعلامية الأخرى على أنه يقدم (أطزج) الأخبار، وأهمها وعلى أنه لاعب رئيسي هام على الشبكة.
أتكلم هنا (والحكي للجميع) عن موقع التواصل الاجتماعي والتدوين المصغر (تويتر)، فعلى الرغم من الانتشار الهائل والملموس فعلياً للمواقع المنافسة الأخرى مثل (فايسبوك وماي سبايس وحتى النسخ الآسيوية منها مثل فريند ستير) إلا أن الوسائل الإعلامية بأنواعها المقروئة والمسموعة والمرئية تتحدث بشغف ونهم عن موقع تويتر، (مع إني بقص إيدي) كما تقال بالعامية للنفي القاطع، إذا كان الكاتب أو المتحدث من مستخدمي هذا الموقع، والذي شخصياً لا أراه إلا موقع نفسي اجتماعي يهدف إلى تعميق مدى إدمان مشاركة الأحداث اللحظية التي لا معنىً لها ولا قوة، بل ومتابعتها من قبل المشتركين الآخرين التابعين لتأكيد مقولة (رزق الهبل على المجانين). ومثال ذلك كتابة أحدهم على مدونته (أنا داخل على الحمام بعد إذنكم)، فيرد عليه أحد تابعيه (ولك خنقتنا بريحتك) على سبيل المزاح وفي محاولة منه لتخفيف الدم، ليأتي رد من تابع آخر يعيش في دولة أخرى (يا زلمة حتى عنا سكرت المجاري). والأدهى من ذلك كله بل والطامة الكبرى أن ذلك قد يحصل عن طريق الهاتف المحمول!!، يعني بمعنى آخر (أكل ومرعى وقلة صنعة). فعندما تسجل كعضو جديد في الموقع الاجتماعي يرسل لك القائمون على الموقع نقاطاً عدة لتصبح مدمنا اجتماعياً متمرساً على (روائح الآخرين)، ومن أهم تلك النقاط أن تنصب النسخة الهاتفية للموقع على هاتفك الجوال، حتى يتسنى لك متابعة وتحديث الأخبار بشكل شبه لحظي، بمعنى آخر (لتشم الرائحة أول ما تفحفح). أي أنا شو الله جابرني (أشم ريحتك) ولا أعرف شو قاعد بتسوي كل خمس دقايق.
فيا أصدقائي، أنا لست من الناقمين على التطور ولست ضد التيار، لا بل على العكس تماماً، أنا من أشد الأشخاص (أو بحاول كثير إني أكون) متابعة لكل ما هو جديد على الشبكة العنكبوتية، وأنا من المشاركين المتمرسين على موقع الشبكة الاجتماعية (فايسبوك)، لكنني أكاد أجزم بلسان حال الجميع، أنه من أكثر المواقع تسلية وترفيها بل وانتشاراً أيضاً، ومن كثرة ما سمعت عن موقع تويتر، ارتأيت أن أشارك فيه (لأشوف أخو هالشلن كديشو حلو وليش الوسائل الإعلامية متصربعة عليه)، إلا أنني أصبت بحالة ذهول رهيبة وصدمة نفسية أشد من التي قد تصيبني في حال أعجبني الموقع وأصبحت من المدمنين عليه، فهو موقع بسيط (بل بسيط جداً) مقارنة مع منافسيه، ولا يقدم شيئاً مميزاً للمشتركين فيه، خاصة أولئك الفقراء من عامة الناس (حالاتي) واللذين لا يودون امتلاك هواتف الجيل القادم المحمولة، والتي هي الوسيلة الأكثر استمتاعاً بالبرنامج على حد قول القائمين عليه.
ومن أكثر ما أشاط غيظي وأثار حنقي، خبر نشرته إحدى الصحف العربية العريقة الواسعة الانتشار، مترجم عن صحيفة أجنبية أعرق و(أنشر) -(لا والأحلى من هيك) أنه جاء ضمن تغطية الصحيفة للأحداث الإيرانية (المولعة)!!- بقولها في العنوان الرئيسي للخبر بأن موقع توتير قد لعب دوراً كبيراً في أحدث إيران وملدوفا، على الرغم من أنه أبصر النور قبل عامين، وأن مؤسسي الموقع رفضوا العروض المثيرة والمغرية لبيعه (ويزيدنا خبراء من الشعر بيت) أن قوة تأثير الموقع تكمن في طبيعته العادية، (أي حل عنا يا إنتا وإياه والعبو بعيد منشانو لالله)، (مجنون يحكي وعاقل يسمع). لحد الآن لم يسجل أحد من أصدقائي في الموقع، إلا من راوغته نفسه ليشم بعض الروائح أو (يفتعل لنفسه رائحة) ويشوف مين راح يشمها.
وعلى الرغم من كل ما سبق، أود أن أشهد للشركة التي تقوم بالعلاقات العامة للموقع، ذلك أنها أثبتت نفسها بكونها واحدة من أكثر الشركات كفاءة وحنكه، فعلى الرغم من بساطة فكرة الموقع، إلا أنهم استطاعوا أن يقنعوا بعض كبريات المواد الإعلامية بأنه من أكثر المدونات اللحظية انتشاراً وأهمها في تغطية آخر الأخبار، إلا أن لي عليها مأخذ واحد، وهو كبير نسبياً، أنه كان عليها انتقاء عميل أفضل لاستثمار مهاراتها وخبراتها في تسويقه (وغلطة الشاطر بألف).
هذا خبر نشر مؤخراً على موقع “بي بي سي” الإخباري، مبني على دراسة قام بها مجموعة من جامعة هارفارد تؤكد صحة الرسالة التي أحاول إيصالها لكم أعزائي.
الكاتب : أحمد حزيّن