في ظل غياب دور السينما … “عالم يوتيوب في السعودية” … عندما تتبادر السعودية إلى ذهنك، تتذكر على الأرجح شيئًا واحدًا وهو النفط. ولكن المملكة الصحراوية تتميز أيضًا بعامل آخر وهو حب سكانها لموقع يوتيوب. في عام 2013، شاهد مستخدم الإنترنت المعتدل في السعودية ما يعادل ثلاثة أضعاف ما شاهده مستخدم الإنترنت المعتدل في الولايات المتحدة. ولا يكتفي السعوديون بالمشاهدة فقط: بل يتزايد باستمرار عدد المستخدمين السعوديين الذين ينتجون محتوى من الفيديو وينشئون أنشطة تجارية.
التقى منشئو محتوى YouTube الناجحون مؤخرًا معًا في السعودية عبر ندوة أقيمت في عاصمة السعودية، الرياض. وعلى مدار يوم، قارنوا بين تجاربهم وتعرفوا على كيفية إنشاء مقاطع فيديو واسعة الانتشار باللغة العربية واستلموا نصائح عن كيفية تحقيق دخل مالي من خلال عروضهم عبر الإنترنت.
ولا توجد دور سينما في السعودية، وهو ما يفسر جزءًا من ظاهرة الإقبال على الفيديو عبر الإنترنت. وتسمح شبكة الإنترنت أيضًا بمعالجة المشكلات التي تتجنبها غالبًا المحطات التلفزيونية التي يديرها أجانب. واجتذب عرض “ايش اللي” أكثر من مليوني مشترك وأكثر من 200 مليون مشاهدة، من خلال مناقشة تفاصيل الحياة اليومية في المملكة والسخرية منها غالبًا. فهناك عرض ما على سبيل المثال تناول مشكلة العناية بالأطفال. وكما جاء على لسان منتج العرض: “نحن نشجع الوفاق والأمانة والمعاملات الشرعية”، عن طريق مناقشة مشكلات لا يدركها ولا يستطيع أحد التحدث عنها إلا شخص سعودي”.
تناولت منتجات سعودية أخرى على YouTube مشكلات تم تجاهلها سابقًا في وسائل الإعلام المحلية. تدير قناة UTURN (يوتيرن) عرضًا اسمه Salemha (سالمها) يعلّم اللغة الإنجليزية عن طريق استخدام مقاطع من أفلام شهيرة بهوليود. ويركز عرضا Noon Al Niswa (نون النسوة) وSenTube (سن تيوب) على الموضوعات المتعلقة بالصحة واللياقة البدنية. ويقارن عرض Ana wa Heya (أنا وهي) بين الرجال والنساء لمناقشة مشكلات اجتماعية حاضرة في الثقافة السعودية. قد يؤدي أحيانًا توسيع آفاق الممكن إلى حدوث رد فعل مفاجئ؛ فمثلاً عندما بثت قناة UTurn (يوتيرن) امرأة على الهواء مباشرةً، استتقبل العديد من المشاهدين ذلك باللعنات.
ومثلما هو شائع في أي مكان آخر، تحظى وسائل الترفيه الخفيفة التي تشمل الموسيقى والألعاب بشهرة في السعودية. وتحظى قنوات ألعاب الفيديو السعودية مثل D7oomy999وSaudi Gamer وZpad باهتمام واسع لا يقتصر مداه على منطقة الشرق الأوسط فقط. ويمكن أن تحمل الموسيقى رسالة جادة: فأغنية “No Women No Drive” التي غناها علاء وردي والتابعة لموقع TELFAZ11 (تلفاز 11)، تم غناؤها بدون آلات موسيقية وتجمع بين نمطي الموسيقى العربية والغربية وزادت الوعي بشأن مسألة كفاح النساء السعوديات للحصول على حق قيادة السيارات.
تنشئ هذه القناة السعودية الناجحة على YouTube أنشطة تجارية قوية بفضل برنامج الشراكة الذي نقدمه عبر الإنترنت. واجتذبت قناة UTURN (يوتيرن) 14 مليون مشترك في عروضها. وتبيع هذه القناة إعلانات وتتقاسم الأرباح مع موقع YouTube. ويتم اكتساب أرباح إضافية من شركات متعددة الجنسيات، مثل Unilever، التي ترعى العروض وتدفع رسومًا للإعلان عن منتجاتها.
لا يمثل المحتوى العربي على شبكة الإنترنت سوى ثلاثة بالمئة فقط من إجمالي المحتوى الرقمي على الإنترنت — وعلى الرغم من ذلك، يمثل المتحدثون باللغة العربية ما يزيد عن 5 بالمئة من سكان العالم. ويساعد موقع YouTube في السعودية على إغلاق هذه الفجوة، من خلال مساعدة المواهب المحلية في الإعلان عن نفسها والتعبير عن آرائهم وبدء أنشطتهم التجارية الخاصة. وفي السعودية، تطور شبكة الإنترنت البلد بمعدل يفوق كثيرًا ما تحدثه الثروة النفطية من تطور.